السبت، ١٩ يوليو ٢٠٠٨

سمير القنطار الرصاصة لاتزال في صدري

سمير القنطار

ة ( الرصاصة لاتزال في صدري ) ة

لم يكن ذلك الشاب و الذي لم يكمل العقد الثاني من عمره ليقف صامت مكتوف الايدي امام ما يعانيه العرب من اهانة و ازلال و اغتصاب لاراضيه و حقوقه .

لقد كان قوي البنيان و الشخصية سريع الحركة يذكرني بشخصيات الكوماندوز في الالعاب الامريكية

انه البطل سمير القنطار

لقد كان قرار ( ابو العباس ) امين عام جبهة التحرير الفلسطينية وقتها صائبا عندما وكل اليه عملية ( جمال عبد الناصر ) لما راي فيه من زكاء شديد و سرعة بديهة .

ودع سمير القنطار والدته السيدة سهام و اخويه عبد الله و بسام و اخته لميس قبل ان ينطلق هو و رفاقه (احمد الابرص) و ( عبد المجيد اصلان ) و ( مهنا المؤيد )

و في الساعة الثانية صباح يوم 23 ابريل 1978 كان زورق منتظرا علي شواطيء مدينة صور اللبنانية جاهزا و معدلا لتتضاعف سرعته .

ركبت المجموعة الفدائيه الزورق من النوع ( زودياك ) و انطلقا باتجاه مستوطنة نهاريا و كان من المقرر اختطاف عالم الذرة الاسرائيلي ( دان هاران ) .

و عند وصول الزورق الي شواطيء المستوطنة قامت المجموعة بذكاء و هدوء شديدين باختراق حواجز الاسطول السادس الاسرائيلي حيث خفر مدفعية السواحل و شبكة الانذار البحري و مقر الذوارق العسكرية الاسرائيلية و من المفارقة ان الكلية الحربية الاسرائيلية تقع بالقرب من منطقة العملية .

تسلل افراد العملية الي مبني رقم ( 61 ) الواقعة في شارع جابوتسكي بمستوطنة نهاريا و قسمت المجموعة الي فرقتين احداهما تقوم بعملية اختطاف عالم الذرة ( دان هاران ) و الذي تشبث بابنته ( اينات ) و رفض تركها و تقوم الفرقة الثانية بتغطية عملية الاختطاف .

و تمت عملية الختطاف و جاء الجزء الثاني من العملية و هي خطة الانسحاب

و بالفعل اتجهت المجموعة باتجاه الشاطيء و لكن كشفت دوريه اسرائيلية امر اختطاف العالم و حدث اشتباك بين افراد المجموعة و دورية الشرطة

وبعد ذلك ركض القنطار و رفاقة الي الزورق و عند وصوله كان احد اصدقائه اصيب و استشهد الاخر فقرر القنطار العودة الي رفيقية علي الهروب بالرهينة منفردا و عند عودته كانت فوات اسرائيلية قد وصلت من جهت الشاطيء

و بذلك اصبح القنطار و رفاقة محاصريين و لم يعد امامهم سوي القتال حتي الموت و لكن قوات الاحتلال لم تمهلهم كثيرا و اذ بوابل من الطلقات النارية تنهال عليهم من كل جانب و بكميات كثيفة و سقط كل افراد المجموعة و الرهينتين ارضا .

و كان ناتج هذه المعركة ستة قتلي و من بينهم الرهينتين ( دان هاران ) و ابنته ( اينات ) و اثني عشر جريحا

و اصيب سمير القنطار بخمس رصاصات و استشهد اثنان من رفاقه هم ( عبد المجيد اصلان ) و (مهنا المؤيد)

و وقع سمير القنطار في الاسر و بدا الاسرائيلين ممارسة نشاطهم المفضل في تعذيب الاسري




يحكي لنا القنطار قائلا

لقد صلبت عارياً على حائط وبدأ جنود الاحتلال يتدربون فن القتال على جسدي، بقيت تحت الشمس

ايام وليالي واقفاً ويداي للأعلى مقيدة بالحائط ورأسي مكسو بكيس من القماش

الأسود الذي تنبعث منه رائحة نتنة.

بعد حفلة التعذيب هذه كبلوا جسدي بالجنازير والصقوا بأذني مكبرات للصوت ومنها تدوي صافرة في الرأس حتى فقدت الشعور والإحساس بالوجود، أقسى ما عانيته عندما وقعت جريحاً, وبدأت عمليات استئصال بعض الرصاصات من جسدي حيث كنت شاهداً على مشهد استئصال تلك الرصاصات لأنهم لم يعطوني مادة مسكنة للألم، وعندما حاولت الصراخ من الألم أغلقوا فمي وكلما كنت احضر للعيادة في السجن للتغيير على الجرح كان الطبيب يدخل إصبعه في الجرح بحجة أن عليه أن يتأكد من عيار الطلقات التي اخترقت جسدي، وأثناء التحقيق, كنت اجلس أمام المحقق مكبل اليدين والقدمين ,ويطفئ المحقق سجائره في يداي، بقيت في زنزانة طولها نصف متر وعرضها نصف متر وسط الظلمة لا أعلم متى يبدأ النهار ومتى ينتهي الليل

و اخيرا تمت محاكمة القنطار و حكم عليه بخمس مؤبدات و 47 عاما

و في عام 1985 حدث عملية تبادل للاسري رفضت اسرائيل فيها رفضا باتا الافراج عن سمير القنطار بالرغم من الافراج عن زميله في العملية ( احمد الابرص )

و الان و بعد ما يقلرب الثلاثون عاما مضاها القنطار في السجون الاسرائيلية و قضي معظمها في الاضرابات الكثيرة التي قادها القنطار عن الطعام و لعل اشهرها اضراب ال19 يوم والتي استطاع القنطار خلالها الالتحاق بجامعة تل ابيب المفتوحة و التخصص بمادة العلوم الانسانية و الاجتماعية و حاليا يدرس الماجستير في مادة الديمقراطية و بذلك يكون القنطار مؤهلا و بقوة للدخول في المعترك السياسي اللبناني

و اخيرا خرج القنطار ليستبدل رائحة الدماء و التعذيب في السجون الاسرائيلية بنسيم الحرية و هواء لبنان العليل

و بالتاكيد فان عملية ( جمال عبد الناصر ) تترك اثارا معنوية و مادية في نفس سمير القنطار

فلا تزال هناك رصاصة الجندي الاسرائيلي منذ ثلاثون عاما مستقرة في رئته اليمني لتكون شاهدة علي بطولات هذا الرجل الذي رفض الخضوع و الاستكانة حرا كان او اسيرا في المعتقلات الاسرائيلية

تحية لهذا البطل و الذي لابد ان يقتدي شبابنا اليوم به و بامثاله .



م / اسماعيل احمد ابراهيم

3abqrino.blogspot.com

ليست هناك تعليقات: